الآن و قد مررت بتجربة الإصابة بفيروس الإنفلوانزا A (H1N1 و المعروف بإسم إنفلوانزا الخنازير و الحمد لله تعافيت منه فإننى هنا أريد أن أحكى قصتى معه بطريقة بسيطة و بدون إستخدام المصطلحات العلمية التى تعقد الموضوع بالنسبة لغير المتخصصين
و بادىء ذى بدء فلابد من التوضيح كيفية إصابتى به فكونى أعمل فى طوارىء أكبر مستشفى فى مكة المكرمة ( مدينة الملك عبد الله الطبية ) و كونى رئيس لمجموعة الطوارىء بها فكان يقع على عاتقى فحص الحالات التى يشتبه فيها فى فترة عملى و بالطبع عندنا بالمستشفى قسم متميز خاص بمكافحة العدوى و الذى قام بجهد كبير للتوضيح لنا العاملين بالمستشفى فى كيفية التعامل مع هذه الحالات من خلال نشرات و ندوات جامعة اصبح عندنا مفهوم للإسلوب المثل للتعامل مع هذه الحالات ( فى حالة إتباع هذه الإرشادات و أخذ الأمر بجدية ) لأننا نتعامل مع كل الجنسيات التى تتواجد بمكة المكرمة
و بالطبع كنت أخذ إحتياطات كاملة بعزل المشتبه به فى غرفة عزل خاصة و إرتداء القفازات الجراحية و رداء بلاستيكى خاص و واقى للعين و كمامة خاصة ثم اقوم بفحص المريض و أخذ العينات ثم التخلص من كل هذه الأدوات بطريقة محددة
و سيتبادر لذهن الجميع الآن إذا كنت تأخذ كل هذه الإحتياطات فكيف أصبت بالعدوى إذن ؟
و الإجابة فى هذه القصة و بعدها سأرد عليكم لماذا كتبت كل هذه المقدمة
لقد بدأت قصتى يوم الجمعة 30 شعبان و كنت فى عملى بفترة الظهيرة و لكون الطوارىء كبيرة و بها أقسام كثيرة كنت أتابع بعض الحالات فى أحد هذه القسام عندما وجدت إحدى الممرضات تنادينى للحضور بسرعة إلى منطقة الحالات الحرجة و هناك وجدت أحد الزملاء يقف على رأس معتمر إندونيسى يعانى من سكرات الموت و حاول تركيب أنبوبة حنجرية لوضعه على جهاز التنفس الصناعى و قد فشل مرتين فنادونى و قمت بسرعة و بدون معرفة خلفية المريض بلبس قفاز جراحى و قمت بتركيب الأنبوب له و بالطبع إقتربت كثيرا من المريض بدون أى إجراءات إحترازية من التى وضعت لنا و لم يستمر الأمر أكثر من 20 ثانية ثم بعد ذلك وضعنا المريض على جهاز تنفس صناعى و بدأنا نسأل من أحضروه عن خلفية مرضه و عندما أخبرونا وجدت أن هذا المريض يشتبه فى كونه مصاب بالفيروس فقمت بالخطوة التالية و هى أخذ عينة من الإفرازات الرئوية عن طريق الأنبوب و وضعها فى الأنبوب الخاص بالفحص و إرسالها للمختبر و قمت بإبلاغ قسم مكافحة العدوى ليتسنى له متابعة الحالة و المخالطين لها
و بعد ذلك جاءت نتيجة العينة إيجابية و لذا أعتبرت أنا و فريقى من المخالطين لهم و لكون بعض أعراض اإنفلوانزا بدأت تظهر على قمت بأخد مسحة لى من الحلق و الأنف و إرسالها للمختبر و كذلك بدأت العلاج بعقار التاميفلو و الحمد لله كانت إستجابتى له جيدة و عندما ظهرت نتيجى تحاليلى إيجابية للفيروس كانت فترة العلاج قد إنتهت و كذلك كانت حالتى قد تحسنت
و الآن ما مغزى كل هذه القصة الطويلة ؟
المغزى أنه بالرغم من وجود كل الإمكانيات الفنية و التقنية قد أصبت بالعدوى لتساهلى فى الإجراءات المحددة لمدة 20 ثانية فقط تصوروا 20 ثانية فقط فما بالكم بمن لا يأبهون لخطورة و سرعة إنتشار هذا المرض
يا إخوانى: الموضوع جد خطير و ليس به فهلوة هناك أساليب علمية محددة للتعامل مع هؤلاء المشتبه بهم و المرضى
أعراض المرض ليست إلا أعراض اإنفلونزا الموسمية المعتادة ( إرتفاع درجة الحرارة - صداع - آلام بالجسم - شعور عام بالإرهاق - كحة - رشح و زكام ) و لكن تزيد عليها زيادة القىء و الإسهال
و لماذا الخوف من فيروس H1N1 ؟
تكمن مشكلة هذا الفيروس فى سرعة إنتشاره و كذلك كونه يهاجم الرئتين مما يؤدى إلى حالة إلتهاب رئوى شديد و خاصة عند كبار السن و الأطفال نظرا لضعف مناعتهم و كذلك إحتمالية حدوت تحور جينى فى الفيروس مما يجعله أكثر ضراوة
و الآن كيف يستشعر مريض اإنفلوانزا بالخطر ؟
إن أى شخص يصاب بالإنفلوانزا يجب أن يحس بالخطر فى هذه الحالات
1- أن يكون قد سافر لأى منطقة بها تفشى للمريض فى غضون أسبوعين قبل بداية الأعراض عليه
2- أن يكون قد خالط مريض ثبتت إصابته بهذا الفيروس
3- إرتفاع درجة حرارته فوق 39 درجة مئوية لمدة 3 أيام بالرغم من إستعماله المنتظم للأدوية الخافضة للحرارة
4- حدوث إزرقاق للوجه و صعوبة فى التنفس
5- آلام شديدة بالصدر
6- تغير فى درجة الوعى أو الحالة العقلية له
7- ظهور أعراض الإلتهاب الرئوى عليه
فى حالة حدوث هذه الأعراض يجب إستشارة طبيب متخصص بمركز متخصص ( مستشفيات الحميات فى مصر ) و ليس فقط طبيب الذى يتابع معه و ذلك لإعادة فحص و عمل الفحوصات المعملية و الأشعة له
و ما هو العلاج ؟
العلاج بكل بساطة فى الحالات العادية و المشتبه بها فقط بمضاد الفيروسات الشهير التاميفلو كبسولة مرتين يوميا لمدة 5 أيام و المخالطين له علاج و قائى كبسولة واحدة يوميا لمدة 10 أيام مع عزل المريض حتى لا تتفشى العدوى .......... و لكن الأهم هو المقولة الشهيرة
الوقاية خير من العلاج
و كيف نقى أنفسنا ؟
بمناسبة شهر رمضان المبارك أعاده الله عليكم بالخير و اليمن و البركات و قرب عيد الفطر المبارك و كثرة التجمعات فى المنازل و الأسواق لشراء إحتياجات العيد و خلافه فيجب
- منع التحية عن طريق العناق و التقبيل منعا تاما
- لبس قناع واقى للفم و الأنف فى أماكن التجمعات و يكون من النوع المناسب و ليس أى نوع
و هناك أنواع عدة منها
1- الماسك الجراحى العادى : و هو المتاح للجميع و لكنه عديم القيمة لأنه لا يوفر حماية جيدة و لا تتعدى فترة حمايته النصف ساعة و لذلك لتفتح مسامه بسرعة فتسمح بعبور الفيروس و الذى ينتقل عن طريق الرذاذ
و هذه صورة الماسك عديم القيمة و ستلاحظون أن الصورة من إدى الشركات المصنعة له لكن جوانبه مفتوحة و تسمح بمرور الهواء من الجانبين
2- الماسك المعروف بإسم N 95
و هو أفضل المتاح فى حالة إحكام لبسه و تدوم حمايته لفترة طويلة و هذه صورة له و كيفية لبسه بطريقة صحيحة
و فى رأيى الشخصى هذه صورة أفضل نوع موجود
و أخيرا أتمنى ألا تكونوا قد مللتم منى و أكون قد إستطعت تبسيط الأمور لكم و تكونوا قد إستفدتم مما ذكرته سابقا
و لى رجاء خاص من الجميع أرجو نقل كيفية الوقاية لكل من عزم على العمرة و الحج و لا يتوانى عن الوقاية طوال الوقت فى الحرم و المطارات و الأماكن المزدحمة لأنه لا يعرف من هو مصاب بجانبه أو متى و كما حكيت لكم عن كيفية إصابتى فى 20 ثانية فقط
و بالمناسبة و لإظهار أن الموضوع جدى فقد حدثت وفاة لمعتمرة مصرية بالإلتهاب الرئوى معى بالطوارىء و على الأرجح كانت مصابة بالفيروس و لم تصلنى بعد نتيجة تحليلها و كذلك قمت اليوم بحجز معتمرة مصرية أخرى مصابة بنفس الأعراض بغرفة عزل المرضى المشتبه فى إصابتهم بالفيروس
و لأول مرة أحترم قرار الحكومة بمنع العمرة أو تقنينها بشدة هذا العام نظرا لخطورة الموقف
و أتمنى للجميع الصحة و العافية
و تقبلوا تحياتى
منقوووووووووووووووول