أسباب اهتمام الصحابة بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم:
نستطيع أن نجمل هذه الأسباب في النقاط الآتية:
1-المسلمون ملزمون بالسنة المطهرة كما هم ملزمون بالقرآن الكريم ، لوحدة المصدر.
لقد علم الصحابة أن كل ما يصدر عنه صلى الله عليه وسلم من أقوال، وأفعال، وتقريرات، إنما هو دين يدان لله به،ويتقرب به إليه ،
وأن صلاح البشرية في الدنيا ،وفلاحهم في الآخرة متوقف على طاعته صلى الله عليه وسلم ، والإقتداء به في كل كبيرة وصغيرة، والنزول على حكمه بنفس راضية ،وأنهم ملزمون بالسنة المطهرة ، كما هم ملزمون بالقرآن الكريم ،لأن مصدر هما واحد وهو الله تعالى .
وأنه لا خيار لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفظ كل ما يصدر عنه صلى الله عليه وسلم ،وتعليمه لمن لم يعلمه،و تبليغه للناس ،فهذا أمر أوجبه الله عليهم ولا خيار لهم فيه .
فلقد شرف الله أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم فجعلهم أمناء الله على كتابه وسنة نبيه،فهم رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من بعدهم ،ولقد كان الصحابة في غاية الحرص على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تحملاً وأداء ،حتى يبلغوه كما سمعوه،حتى لا يضل الناس بخطئهم ؛
وهذا ما فهمه الصحابة رضي الله عنهم من كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ،وذلك للآتي:
أ- المراد بالحكمة المقرونة بالكتاب الكريم في آيات القرآن الكريمهي السنة المطهرة؛
قال الله تعالى :
(وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً)
وذلك لأن الله تعالى ذكر الكتاب ،والمراد به القرآن الكريم ،وعطف عليه الحكمة ،والعطف يقتضي التغاير ،بمعنى أن المعطوف غير المعطوف عليه،فالحكمة غير القرآن الكريم .
وما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو قرآن كريم ، وسنة مطهرة.
ب- أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل أمر،و الانتهاء عن كل ما نهى عنه ،
سواء كانت هذه الأوامر أو تلك النواهي في القرآن الكريم أو السنة المطهرة، لا فرق في ذلك ،
ولم يجعل ذلك خاصاً بما جاء في القرآن الكريم ،وحذر المسلمين من عقابه -سبحانه- وإن خالفوا أمرهم صلى الله عليه وسلم ؛ قال الله تعالى :
( وما آتاكم الرسول فحذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب )
ج :جعل الله تعالى طاعته صلى الله عليه وسلم طاعة له تعالى ؛
قال الله تعالى:
( من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً)
د- جعل الله تعالى اتباعه صلى الله عليه وسلم ،والنزول على أمره، علماً على محبته تعالى ، وسبيلاً للفوز بمغفرته ورضوانه ؛
قال الله تعالى :
( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحبكم الله و يغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم (31) قلأطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين)
هـ - جعل الله تعالى طاعته صلى الله عليه وسلم سبباً لمرافقة الأنبياء الصديقين والشهداء الصالحين ، في الجنة ؛
قال الله تعالى)
:ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً)
و- جعل الله تعالى طاعته صلى الله عليه وسلم واتباعه ،سبيلاً للنجاة فيالدنيا والآخرة ؛
قال الله تعالى:
( قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوا تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين )
ز- حذر الله تعالى من مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم ،والخروج عليه ،
وتوعد الخارجين عليه صلى الله عليه وسلم أن تصيبهم فتنة تستأصل ما في قلوبهم من الإيمان،أو عذاب أليم ينزل بهم ؛
قال الله تعالى
فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )
ح- نفى الله الإيمان عمن لا يقبل حكمه صلى الله عليه وسلم بنفس راضية مطمئنة إلى حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛
قال الله تعالى:
(فلا وبربك لا يؤمن حتى يحكمون فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليناً )
2- منزلة السنة المطهرة من القرآن الكريم
وقد تحثنا عنها سابقا
3- خوف الصحابة من كتمان العلم:
لقد أمر الله تعالى المسلمين بتبليغ العلم وأنه لابد من وجود مجموعة من الناس- تتحقق بهم الكفاية - تقوم بهذا الواجب بعد أن تكون قد تأهلت لذلك ، وإلا أثم المسلمون جميعاً.
وهذه المجموعة المتأهلة للقيام بهذا الواجب، يكون تبليغ العلم وتعليمه في حقهم واجب
؛قال الله تعالى:
( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)
4- حرص الصحابة على أنفسهم:
فلقد أراد الصحابة - بتبليغ الكتاب والسنة كما سمعوه إلى من بعدهم - ألا تنقطع أعمالهم بموتهم ، بل تضاعف لهم الحسنات ما بقى في الدنيا قرآن يتلى وسنة تتبع.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالمن دعا إلى هدى ، كان له من الأجر مثل أجور الذي تبعه ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ، ومن دعا إلى ضلالة ، كان عليه من الإثم مثل أثام من تبعه، لا ينقص ذلك من أثامهم شيئاً )
5-قيام الصحابة بواجبهم نحو إخوانهم:
فإذا كان الصحابة رضي الله عنهم قد شرفهم الله بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ،وشاهدوا التنزيل ، و سمعوا أقوال رسولهم ، وشاهدوا أعماله وتقريراته ، إلى غير ذلك ، فإنهم رأوا أن من الواجب عليهم أن يبلغوا ما سمعوه إلى من لم يسمعه .
ولولا قيامهم بهذا الواجب ، ما برح الإسلام الجزيرة العربية ، ولعدوا مقصرين في واجبهم ، كما هو حال المسلمين اليوم.
6-الالتزام بالسنة المطهرة مخرج من الفتن،عاصم من الشرور.
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال :صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب ، فقال القائل : يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع ، فماذا تعهد إلينا ؟،فقال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبداً حبشياً ، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ،وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة )
7- حب الصحابة رضي الله عنهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم :
لقد أحب الصحابة رضي الله عنهم نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم حباً صادقاً فاق حبهم حتى لأنفسهم و آبائهم و أبنائهم وأموالهم ، ولا أدل على ذلك مما كان يحدث في المعارك الحربية من سترهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم بأجسامهم ، حتى لا تصل إليه سهام العدو ، وكان يقع الواحد منهم بعد الآخر ، و ما يتركونه صلى الله عليه وسلم لسهام العدو مهما اشتد وطيس المعركة ، بل كان الرجل منهم يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: نفسي دون نفسك ،ونحري دون نحرك ، وما تخلف واحد من أصحابه عن نصرته والدفاع عنه صلى الله عليه وسلم مهما كلفه ذلك ، ومهما بذل في سبيل ذلك.