يدخل منتخب مصر منعطفا جديدا في تاريخه مع الكرة الإفريقية حينما يبدأ حملة الدفاع عن لقبه الذي اختزنه في دولاب بطولاته أربعة أعوام متتالية فاز خلالها بكأس المونديال الإفريقي عامي 2006 و2008 ليبقي علي منصة التتويج الذهبية بستة ألقاب.
ويواجه أحفاد الفراعنة هذه المرة تحديا مختلفا في النسخة القادمة بانجولا والتي تفتتح يوم 10 من الشهر الجاري، فبالفعل لكل بطولة مذاقها وظروفها الخاصة، ولكن في هذا العام يختلف الأمر كل الاختلاف عما سبقه.
فبالعودة بالزمن لأربعة سنوات مضت أي عام 2006، كان منتخب مصر يحمل لواء الدفاع عن الاسم والتاريخ بعد الإخفاق في التأهل لمونديال ألمانيا الذي أقيم في نفس العام، ووقتها كان المصريون يمنون النفس باقتناص جميع الفرص أتيحت لهم حيث كان المونديال الإفريقي علي ارض مصر وهناك فرصة لحصد اللقب بعد عدم الذهاب لألمانيا.
كأس العالم يرفض وأمم إفريقيا تستجيب
ولكن استمرت الكرة في معاندة الأقدام المصرية التي لم تطأ ملاعب كأس العالم منذ عام 1990 بايطاليا، وأبت الأقدار أن يشاهد العالم هذا الجيل في المونديال، ليتأهل علي حسابه منتخب كوت ديفوار لأول مرة في تاريخه لتعطي الكرة درسا جديدا في وجود عقدة بين المصريين وكأس العالم.
وأقيمت أمم إفريقيا علي ارض مصر، وذهبت كل المشاعر الحزينة بعد توديع المونديال أدراج الرياح، حيث كان الجمهور المصري له الكلمة العليا بعد توفيق الله في حصد اللقب، وكان أيضا العزاء الوحيد إن الكأس جاءت علي حساب من ذهب لألمانيا وهو كوت ديفوار بعد هزيمته في نهائي البطولة.
القمة مازالت مصرية
ومرت سنتان علي تحقيق البطولة، وتوالت الانكسارات وسط مانشيتات نقد لاذعة علي تذبذب مستوي اغلب اللاعبين الذين مثلوا هذا الجيل الذي لن يعوض إلي ما شاء الله، فقبل السفر إلي غانا التي احتضنت أمم إفريقيا في نسختها الماضية عام 2008 كانت النتائج المخيبة والأداء الباهت والمشكلات العديدة التي واجهت الفراعنة توحي بخروج مبكر.
ثم جاءت القرعة التي أوقعت مصر في مجموعة الكاميرون وزامبيا والسودان لتعطي مؤشرا آخر ان الجميع ينتظر التهام الفريسة وصناعة اسم علي حساب حامل اللقب خاصة منتخبي زامبيا والسودان، ومن قبلهما الكاميرون التي حرمتها مصر من التأهل لمونديال ألمانيا وأعطت البطاقة للأفيال عام 2006.
وقلب المنتخب المصري جميع التوقعات وموازين الكرة الإفريقية في هذا العام رغم وجوده كأحد المرشحين للفوز باللقب باعتباره حامل اللقب، فتوالت الانتصارات بشكل لم يصدقه اغلب المتابعين وأولهم المصريين أنفسهم، ويكفي الافتتاح الشرس الذي كان علي حساب الكاميرون والفوز برباعية في واحدة من اقسي هزائم الأسود غير المروضة.
سلسلة انتصارات لا تنتهي
ومع كل انتصار لمصر، تأتي التوقعات بالخروج بعد الهزيمة في المباراة التالية مع كل دور يتخطاه فراعنة النيل، ولكن أكد منتخب مصر انه صاحب الكلمة العليا في مشوار تلك البطولة ، ولم تكن الانتصارات تأتي بمحض الصدفة أو لضعف المنافسين، ولكنها جاءت بعد عمل شاق وتفاني في العطاء.
ولم يتخيل احد أن يواجه منتخب مصر الأفيال مجددا والفوز عليهم في دور الأربعة، فهناك ينظرون للمسألة نظرة ثأرية بعد الإقصاء عن منصة التتويج في 2006، ومع مرور وقت المباراة وضع المصريون بصمة لن ينساها الأفارقة وهم يشاهدون شباك كوت ديفوار تتمزق بأربعة أهداف بعد أن ذبح الأفيال جميع الفرق التي واجهتها قبل الوصول لقبل النهائي.
وأصبحت وجهة المصري هي منصة التتويج بعد الوصول للنهائي، وياله من نهائي وقعت الكاميرون خلاله فريسة للأنياب المصرية مجددا وهو ما لم يكن يتمناه الأسود بعد أن كتب التاريخ صفحات مليئة بالدموع الكاميرونية علي يد المصريين، وكان لهم شرف المحاولة في الثأر مرة ثانية وليست أخيرة.
وعاد أبناء النيل بالكأس بعد مباراة لن ينساها الجميع .. لم يكن فيها المصريون علي قدر ما توقع الجميع فقط، بل إنهم ابهروا القارة السمراء والعالم ولعبوا وكأنها آخر مباراة في حياة كل لاعب حيث القتال والاقتتال علي كل كرة ومن إحداها جاء هدف الفوز.
وهذا العام، الجميع تعامل بواقعية شديدة مع الأمر بعد انكسار الخروج مجددا من كأس العالم ومغادرة طائرة جنوب إفريقيا، وهذا قد يكون سلاحا ذو حدين، إما ينتج عنه انعدام الثقة والخروج المبكر من المونديال الإفريقي، أو التحدي الذي قد يولد من رحم المعاناة التي طالت الجميع لفترة ليست بالقصيرة.
جيل منتخب مصر الذي حقق لقبين إفريقيين في نسختين متتاليتين، هو من بيده صنع الفارق في اي محفل، ويجب عليه توخي الحذر، فهناك الكثير من العقبات ونظرة الثأر التي مازالت تملأ أعين الجميع والتي تتوق لالتهام الفريسة الجريحة التي لا تملك إلا الدفاع عن ذاتها ولا تنتظر معونة احد.