هل تستجيب حماس للمطلب الروسي؟

استقبلت العاصمة الروسية موسكو مؤخرا وفدا من حركة حماس بعد اقل من اسبوعين من استقبالها للرئيس الفلسطيني وقبل الزيارة التي قام بها رئيس وزراء اسرائيل‮. ‬ترأس وفد حماس خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس في دمشق‮.. ‬الزيارة بلا شك ازعجت المسئولين الاسرائيليين بسبب رفضهم اي اتصالات مع حماس وابلغوا احتجاجهم للمسئولين الروس‮. ‬ويري المراقبون ان السبب في توافد المسئولين الفلسطينيين والاسرائيليين علي موسكو يعود الي دور روسيا في العملية السياسية في الشرق الاوسط بصفتها احدي دول اللجنة الرباعية الدولية الراعية لهذه العملية‮. ‬وكان السياسي الروسي المخضرم يفچيني بريماكوڤ قد اشار الي ان سعي اسرائيل للابقاء علي الوضع القائم في المنطقة يشكل خطورة كبيرة قد تؤدي الي اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة ومواجهات مسلحة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي مما يعرقل عملية السلام لسنوات طويلة،‮ ‬ويري بريماكوڤ ان رفض اسرائيل وقف نشاطها الاستيطاني يحول دون استئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية ويري انه من الضروري ان يكون موضوع حدود الدولة الفلسطينية علي رأس الاولويات في اجتماع الرباعية الدولية الذي سيعقد هذا الشهر في موسكو بهدف تحريك المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين واخراجها من حالة الجمود التي تكتنفها منذ وصول نتانياهو للحكم في اسرائيل‮. ‬وليس خافيا ان موسكو تركز حاليا علي موضوع المصالحة الوطنية الفلسطينية وكانت قد اعلنت مرارا ان المصالحة هي السبيل الوحيد لاستئناف المفاوضات وعلي هذا الاساس ترددت انباء عن ان موسكو حاولت اقناع مشعل بضرورة اتمام المصالحة بين حماس وفتح والموافقة علي الورقة المصرية والتوقيع عليها خاصة ان وزير الخارجية الروسي اعلن عن ذلك قبل وصول مشعل لموسكو وموضحا ان الهدف من المحادثات مع حماس هو البناء علي الجهود التي تبذلها مصر لتحقيق الوحدة الفلسطينية‮.. ‬وكان المتحدث باسم الخارجية الروسية قد اكد ان المحادثات التي تمت بين وفد حماس والمسئولين الروس تمت في اطار استمرار موسكو في الحوار مع القوي الفاعلة في المجتمع الفلسطيني للتوصل الي حل لاستئناف محادثات السلام والمساعدة علي استعادة الوحدة الفلسطينية‮.. ‬واشاد مشعل بالموقف الروسي واستقبال موسكو لقيادات حماس مشيرا الي ان هذا الاستقبال يدعم الحركة في مواجهة الدول الاخري وتحديدا دول الغرب التي وضعت حماس علي قائمة الارهاب‮. ‬وتحدث مشعل عن مصير عملية السلام فأشار الي انه لا يري اي افق فيها بسبب التعنت الاسرائيلي وموضحا ان الروس يعتبرون النشاط الاستيطاني احدي العقبات الرئيسية امام عملية السلام وكرر مشعل موقف حماس المؤيد لاقامة دولة فلسطينية علي حدود عام ‮٧٦٩١ ‬لكنه رفض بشدة الاعتراف باسرائيل قائلا ان هذا الاعتراف لابد ان يأتي من جانب الشعب الفلسطيني من خلال استفتاء في الداخل والخارج في اطار الدولة الفلسطينية المستقلة التي تستطيع اتخاذ اي قرار بحرية في هذا الشأن‮.. ‬ورغم اعلان مشعل ان حماس وبصرف النظر عن قناعاتها فإنها تحترم قرار الاغلبية الفلسطينية حتي ولو خالف موقفها إلا انه وعلي عكس موقف حماس الداخل‮ »‬اي الموجودة بقطاع‮ ‬غزة والضفة الغربية‮« ‬الذي يبدو ان لديها رغبة في التوقيع علي الورقة المصرية للمصالحة الفلسطينية فإن مشعل شدد علي ضرورة تنفيذ التعديلات والاضافات التي ترغب حماس الخارج في ادخالها علي هذه الورقة وكان واضحا تماما عندما اشار الي ان هذه التعديلات التي ترغب حماس في ادخالها هي علي ما تبدو شرطا للتوقيع‮.. ‬فأين اذن احترام رأي الاغلبية وقرارها؟ الواضح ان مشعل يتصرف من منظور شخصي ضيق لا يضع مصلحة الشعب الفلسطيني ضمن اولوياته ولكنه يعمل علي كسب مجد شخصي ويدلي باقوال تتناقض تماما مع افعاله‮. ‬ولاشك ان لدي موسكو اوراقا يمكن ان تلعب بها في هذا المجال مع حماس تتمثل في انها هي الدولة الوحيدة بين اعضاء الرباعية التي لها علاقات مع حماس ويمكن لهذه العلاقات ان تتضرر في حالة رفض حماس للمطلب الروسي الداعي الي دعم الجهود المصرية بخصوص المصالحة بين فتح وحماس‮.‬
‮ ‬اما عن الدور الروسي في مفاوضات السلام الاسرائيلية ـ الفلسطينية خاصة ان هناك حديث عن مؤتمر للسلام حول القضية الفلسطينية سيعقد في موسكو ـ ولكن يبدو ان عقده متعثر حتي الآن ـ فإن وزير الخارجية الروسي اعلن ان هذا المؤتمر يمكن ان يعقد فقط بعداستئناف المفاوضات الاسرائيلية ـ الفلسطينية أي ان روسيا وضعت شرطا لعقدها المؤتمر يتمثل في استئناف المفاوضات لكن الشرط الاهم لها هو ضرورة اتمام المصالحة بين فتح وحماس اولا ثم بعد ذلك تستأنف المفاوضات بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني‮.‬
كريمة كيرلس